رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
أيمن شعيب

تحقيقات وتقارير

التوطين.. بوابة مصر نحو صناعة مبيدات وطنية ومستقبل آمن للغذاء

  • 2-11-2025 | 14:22

الدكتورة هالة أبو يوسف، رئيس لجنة مبيدات الآفات الزراعية ومدير المعمل المركزي للمبيدات

طباعة
  • مها رمضان

أكدت الدكتورة هالة أبو يوسف، رئيس لجنة مبيدات الآفات الزراعية ومدير المعمل المركزي للمبيدات، أن تطوير صناعة المبيدات في مصر يمثل أحد المفاتيح الرئيسية لتحقيق الأمن الغذائي والسيادة الوطنية، مشيرة إلى أن التوافق مع المعايير الدولية أصبح ضرورة لجذب الشركاء التقنيين العالميين، في الوقت الذي تمثل فيه فجوة التكنولوجيا بيننا وبين الدول الصناعية الكبرى تحديًا حقيقيًا يحد من القدرة التنافسية.

وأوضحت أن بعض عمليات الإنتاج في المنطقة العربية لا تزال تعتمد على تقنيات قديمة تقلل من كفاءة وجودة المنتج، وهو ما يستدعي تسريع الخطى نحو تحديث المنظومة الصناعية وتوطين التكنولوجيا الحديثة.

وأضافت أن البحث العلمي التطبيقي في مصر يحتاج إلى دعم وتمويل أكبر لربط الأبحاث الجامعية بالصناعة وتحويل الأفكار الابتكارية إلى منتجات قابلة للتسويق، مؤكدة أن التكامل بين المراكز البحثية والقطاع الخاص هو الطريق الأمثل لتسريع خطوات التوطين.

قالت الدكتورة هالة إن النظر إلى تجارب الدول الأخرى يمنح مصر دروسًا مهمة في بناء صناعة وطنية قوية.
فالصين، على سبيل المثال، تمكنت من قيادة صناعة المبيدات عالميًا عبر إنشاء مجمعات صناعية كيميائية ضخمة وتكاملية جعلتها تستحوذ على أكثر من 40% من الإنتاج العالمي.

أما الهند، فقد ركزت على إنتاج المبيدات الجنيسة (Generic Pesticides) غير الخاضعة لحقوق الملكية الفكرية، لتصبح ثاني أكبر مصدر عالمي بإيرادات تتجاوز 5 مليارات دولار سنويًا.

في المقابل، اتجهت البرازيل إلى الاستثمار في المبيدات الحيوية، فحققت طفرة في صادراتها الزراعية إلى أوروبا، وعززت مكانتها كقوة زراعية صاعدة.

وأضافت أن مصر قادرة على رسم مسارها الخاص نحو التوطين من خلال خطة مرحلية واضحة تبدأ بإعادة تعبئة وتجهيز المستحضرات محليًا، ثم الانتقال تدريجيًا إلى إنتاج المواد الفعالة على المدى المتوسط، مع جذب الاستثمارات الأجنبية من الشركات الصينية والهندية في إطار الشراكات الصناعية أو المناطق الحرة.

وشددت على أن البحث العلمي يجب أن يكون المحرك الأساسي لهذه الصناعة، من خلال إنشاء مراكز بحث وتطوير داخل الجامعات والمراكز البحثية تعمل كأذرع علمية داعمة للصناعة، قادرة على تطوير مبيدات آمنة وفعالة تراعي الاشتراطات البيئية والصحية.

وأشارت إلى أن التوجه العالمي نحو الزراعة المستدامة يفتح أمام مصر آفاقًا جديدة لتبني صناعة المبيدات الحيوية والمستخلصات النباتية بالاعتماد على مواردها الطبيعية الغنية من النباتات الطبية والعطرية، مؤكدة أن هذا المجال يمنح مصر ميزة تنافسية في الأسواق الأوروبية التي تتجه لتقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية التقليدية.

وأكدت الدكتورة هالة أبو يوسف أن صناعة المبيدات ليست مجرد نشاط اقتصادي، بل جبهة من جبهات الأمن القومي المصري، فامتلاك القدرة على إنتاج المدخلات الزراعية يعني امتلاك القرار الوطني في مجال الغذاء، ويمنح الدولة استقلالًا حقيقيًا في مواجهة الأزمات العالمية.

وأضافت أن الفرصة متاحة اليوم لتصبح مصر مركزًا إقليميًا لصناعة المبيدات يخدم الأسواق العربية والأفريقية، شريطة أن تُترجم الرؤية إلى خطوات عملية واضحة وإرادة قوية تبدأ من الآن، قبل أن نجد أنفسنا رهائن لتقلبات الأسواق العالمية وقرارات الآخرين.

واختتمت حديثها مؤكدة أن التوطين ليس حلمًا بعيد المنال، بل مشروع وطني قابل للتحقق إذا ما تم توجيه الاستثمارات والجهود إليه باعتباره أحد ركائز الأمن الغذائي والسيادة الوطنية لمصر في العقود القادمة.

اخر اصدار

67