تعظيم استغلال الثروة الهائلة من النباتات البرية وجمع بذور تلك الأنواع النباتية من بيئاتها البرية وحفظها وتوثيق المعلومات الخاصة بها، وخاصة الأنواع النباتية ذات القيمة الاقتصادية والرعوية وتوفيرها على النطاق التجاري والبحثي، يهدف إلى تعزيز قدرات الوطن في مجال حفظ وتوثيق واستخدام الأنواع النباتية البرية وتوفير سجل وطني للموارد النباتية والجينية؛ حيث يمكن عمل شبكة معلومات توثق تلك البيانات وربطها مع بعضها البعض لكل الأنواع النباتية بتلك الموائل البيئية بالمناطق الصحراوية في ظل التغيرات المناخية، وتكون هذه قاعدة بيانات متاحة لكل الدارسين والباحثين بالمجالات المختلفة والمراكز البحثية المتخصصة والمهتمين بالشأن البيئي والزراعيين ومتخذي القرار في الحصول على المعلومات اللازمة في مجال البيئة والتنوع الحيوى، هذا ما أكدت عليه الدكتورة ناهد نور الدين رئيس شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة فى تصريحها للـ"الأهرام التعاونى والزراعى".
ما هي أهم البيانات التي يتم الحصول عليها كبداية لإنشاء تلك القواعد المعلوماتية المرتبطة بالتنوع النباتي؟
يتم تجميع الأنواع النباتية من خلال متخصصين في علم النبات حيث يتم تعريفها وتكويدها وعمل عينات معشبية للأنواع المجمعة، ويتم التجميع خلال فصول السنة حيث يوجد ما هو حولي وآخر دائم، بالإضافة إلى تحديد أماكن تجميعها باستخدام ما يعرف بـ Collected For ، ويُحدد فيه اسم مُجمع العينة ومُعرفها مع حفظها بداخل المعشبة المخصصة وتصويرها وعمل QR لها، بالإضافة إلى الدراسات البيئية والفسيولوجية الأساسية لتكوين بيانات متكاملة حول النباتات النامية طبيعيًا بالبيئات الصحراوية.
ما علاقة ارتباط صون الموارد الطبيعية البرية بالتغيرات المناخية؟
لابد أن نعلم بداية: أن الكساء الخضرى وتنوعه في البيئات المختلفة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعوامل التربة (والتي تتمثل فى التركيب الكيميائي والفيزيائي لها) كما الارتباط بعوامل المناخ (المتمثلة في الرياح والأمطار ودرجات الحرارة ......الخ)، وكلا يلعب دوره في استقراء مدى انتشار التنوع النباتى فى البيئات الصحراوية.
أما ارتباط الاستفادة من موارد النباتات الطبيعية البرية ارتباطًا وثيقًا بالتغيرات المناخية فنعني بها 3 نقاط رئيسية:
تؤثر التغييرات المناخية بشكل كبير على عملية تجميع البذور للأنواع النباتية النامية طبيعيًا، حيث تتسبب في تغييرات لأنماط التنوع النباتي مثل الجفاف وارتفاع درجة الحرارة مما يؤدي إلى تغير شكل الغطاء النباتي من حيث الكثافة والوفرة، وتواجد الأنواع واختفاؤها، وقد يؤدي إلى تأخر موسم إنتاج البذور وتأخر موسم التجميع حيث يؤثر التغير المناخي على مرحلة نمو البذور والتقليل من حجمها وخصوبتها وتأخر إنباتها.
مع إجراءات حصر الأنواع النباتية وتوثيقها من مناطق الدراسة بمختلف الصحاري المصرية تحت ظروف المناخ الحالية، هناك إجراءات تُسمى اختبارات حيوية البذور لعمل ما يُسمى بنوك البذور والحدائق النباتية وعمليات الزراعة لها، ولا يمكن عمل الحصر واختبارات البذور والبنوك والحدائق إلا من خلال عمل مستمر لسنوات متتالية لتقييم التنوع النباتي اعتمادًا على مفهوم تغير المناخ كما عرفته منظمة الأمم المتحدة وهو يتضمن أثر التغيير خلال فترة زمنية طويلة وليست عام أو عامين!!
لا يمكن أن نكتفي ببيانات الغطاء النباتي التي قُدمت خلال دراسات سابقة على الموائل أو تجميع البذور من موطنها الأصلي إلا من خلال تحديث مستمر في ظل التغيرات المناخية الحالية التي تشهدها البلاد.
ما أهمية إنشاء المعشبات النباتية والحدائق النباتية وبنوك البذور؟
تلعب المعشبات النباتية دورًا علميًا وبحثيًا محوريًا في دعم المعرفة النباتية وحماية التنوع الحيوي، فهي تعد مؤسسات علمية رسمية لحفظ العينات النباتية الموثقة توثيقًا دقيقًا وفقًا للمعايير العلمية، بحيث تمثل مرجعًا معتمدًا للهوية النباتية والتصنيف والتنوع البيئي الوراثى.
ويتم استخدام هذه العينات في الدراسات التصنيفية والبحوث البيئية وبرامج المحافظة على الأنواع المهددة من الانقراض ويتبع التغيرات المناخية وتأثيرها على الغطاء النباتي.
ومن المهم التأكيد أن العينات المودعة بالمعشبة هي ملك علمي ووطني للمؤسسة التي تحفظها وتخضع لأنظمة تنظيمية وقانونية تضمن استخدامها في الأغراض البحثية والتعليمية المعتمدة بما يعزز خدمة المجتمع العلمي والتنمية المستدامة.
والمعشبة هي مكان علمي للطلاب والباحثين بمجال العلوم المختلفة، ويُحفظ فيها العينات النباتية التي تُجمع من الصحارى المصرية، ويقوم علماء التصنيف بتجميع وحفظ وتعريف هذه النباتات وحفظها بـ شيتات ورقية عليها كل البيانات العلمية عن النبات ومُجمعه ومعرّفه من علماء التصنيف.
سيوفر عملنا وسيلة هامة لحفظ مجموعة واسعة من أمهات النباتات مما يضمن عدم انقراضها، كما أنها تمثل موارد مستدامة للأجيال القادمة من خلال تحسين الأنواع النباتية المقاومة للظروف المناخية المتغيرة ومكافحة الأمراض مما يساهم في الحفاظ على التنمية المستدامة.
كما يمكن أن تساهم بنوك البذور في تحقيق الأمن الغذائي من خلال توفير مصادر متنوعة للمحاصيل الغذائية مما يساعد على تحسين الإنتاجية الزراعية وجودة الغذاء باستخدام التقنيات الحيوية لنقل الجينات المتحملة لظروف الجفاف والملوحة حيث إنهما أكبر عائقان يواجهان النبات خلال دورة حياته.
ما دوركم الذي تقدمونه من خلال مركز بحوث الصحراء؟
نحن نعمل في هذا المجال منذ سنين متمثلًا في شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة؛ حيث قمنا بالعديد من البرامج العديدة والمختلفة السابقة مع كافة التخصصات، وكان الفريق الفعلي المنفذ من قسم البيئة والمراعى على مدار ما يقرب من أكثر من 20 عامًا، وهم المتخصصون فى تجميع وتعريف وحفظ الأصول والنباتات البرية منذ عهد علمائنا الأجلاء أ.د. وليام جرجس وأ.د. صدقي بولس وأ.د. أحمد مرسي.
ويقوم الأعضاء بالعمل على أكمل وجه من خلال الخبرة العلمية السابقة بهذا المجال التى بلغت لأكثر من 30 عامًا، حيث نعمل دائمًا على إعداد سجل يعد هو أحد أهم النقاط الجوهرية لحفظ التراث النباتى، وعمل الدراسات البيئية الفسيولوجية على النباتات النامية طبيعيًا المجمعة من الصحارى المصرية بهدف تنمية المناطق الجافة وشبه الجافة وتماشيًا مع إستراتيجية الزراعة 2050 وإستراتيجية مركز بحوث الصحراء ودوره الرائد فى مكافحة التصحر وخطة العمل الوطنية للتنوع البيولوجى واتفاقية تغير المناخ.