دكتور قاسم زكي
أستاذ الوراثة المتفرغ بكلية الزراعة، جامعة المنيا؛ ورئيس اللجنة الوطنية للعلوم الوراثية بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، والرئيس الأسبق للجمعية الأفريقية لعلوم المحاصيل، وأحد مؤسسي المجلس العالمي للنبات (GPC)؛ عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو اتحاد الآثاريين المصريين، وعضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين
بعد أن تعرفنا على الكالس كنقطة البداية فى زراعة الأنسجة، ننتقل اليوم إلى مستوى أكثر تخصصًا: زراعة الأعضاء (Organ Culture)
الفكرة هنا أن نزرع عضوًا نباتيًا محددًا – سواء كان ورقة أو برعمًا أو جذرًا – داخل بيئة غذائية معقمة، ونتركه يواصل نموه وتطوره في ظروف محكومة، بهذا الأسلوب، يمكن للعلماء دراسة سلوك كل عضو على حدة، بل وإعادة تكوين نبات كامل انطلاقًا من جزء صغير من النبات الأم.
ما هي زراعة الأعضاء؟
زراعة الأعضاء تعني تنمية عضو نباتي معزول (ورقة، برعم، ساق، جذر، جنين) في وسط غذائي معقم يحاكي البيئة الطبيعية، بحيث يحتفظ العضو بوظيفته وقدرته على النمو.
- إذا زرعنا برعمًا طرفيًا يمكن أن ينمو إلى نبات كامل.
- إذا زرعنا جذرًا يمكن أن يستمر في الامتداد وتشكل الشعيرات الجذرية.
- وإذا زرعنا ورقة يمكن أن تتمايز منها براعم عرضية تعطي نباتًا جديدًا.
الأساس العلمى
1-القدرة على زراعة الأعضاء تعتمد على:
قدرة الخلية على إعادة تاريخ حياتها "توتيبوتنسي الخلية: (Totipotency) كل خلية تحمل المعلومات الوراثية الكاملة.
2-منظمات النمو النباتية:
نسبة الأوكسين/السيتوكينين تحدد اتجاه النمو:
أوكسين مرتفع = جذور.
سيتوكينين مرتفع = براعم.
3-الوسط الغذائى: يوفر المعادن، الفيتامينات، ومصدر الطاقة (السكروز).
تطبيقات زراعة الأعضاء
-1 إكثار النباتات (Micropropagation):
استخدام البراعم النامية للحصول على مئات النباتات المطابقة وراثيًا للأم (Clones)
-2 إنتاج نباتات خالية من الأمراض:
- زراعة الميرستيم (Meristem Culture) وسيلة فعالة للتخلص من الفيروسات.
- تُستخدم بكثرة في محاصيل مثل البطاطس وقصب السكر والموز والفراولة.
-3الدراسات الفسيولوجية:
- دراسة استجابة الجذور للهرمونات أو الملوحة.
- دراسة تكوين الأوراق والبراعم في ظروف مختلفة.
4. إعادة تكوين (استيلاد) النباتات (Regeneration):
تحويل برعم أو ورقة إلى نبات كامل عبر مسار التكاثر غير الجنسى (Adventitious Organogenesis)
أمثلة تطبيقية في مصر
- الموز: استخدام زراعة البراعم الجانبية لإنتاج آلاف الشتلات المطابقة وراثيًا وخالية من الأمراض فى مشاتل تجارية.
- قصب السكر: الاعتماد على زراعة الميرستيم لإنتاج نباتات خالية من الأمراض الفيروسية.
- النخيل: تجارب ناجحة في مراكز البحوث الزراعية لاستغلال زراعة البراعم القمية.
التحديات
- تلوث المعامل: ما زال يشكل عقبة أمام زراعة الأعضاء الدقيقة.
- التغاير الوراثي (Somaclonal Variation): رغم أنه مفيد أحيانًا في برامج التحسين، إلا أنه يضر بالتجانس المطلوب فى الإكثار التجارى.
- التحكم في نسب الهرمونات: يحتاج إلى دقة عالية للوصول إلى التوازن المثالي بين الأوكسين والسيتوكينين.
زراعة الأعضاء هي حلقة الوصل بين الكالس وإعادة تكوين نبات كامل، وبين النظرية والتطبيق العملي في برامج الإكثار والإنتاج، فهي تقدم حلولًا عملية لمشكلات مثل انتشار الفيروسات، وتوفر وسيلة سريعة لإنتاج نباتات عالية الجودة ومتجانسة.
في الحلقة القادمة سنتناول زراعة الأجنة (Embryo Culture)، وهي تقنية أكثر تخصصًا تُستخدم لإنقاذ الأجنة الناتجة عن التهجينات البعيدة وإنتاج نباتات هجينة لم يكن لها أن ترى النور في الظروف الطبيعية.