رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
أيمن شعيب

مقال رئيس التحرير

اللحظات الفارقة

  • 16-9-2025 | 14:59
طباعة

هى لحظات فارقة في حياة الإنسان، لحظات فارقة بين الحياة والموت، لحظات فارقة بين النجاح والفشل، لحظات فارقة أيضا فى حياة الشعوب. كانت ثورة 30 يونيو لحظة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، هذه اللحظة الفارقة التى اكتشف فيها الشعب المصرى خيانة فصيل الإخوان، ولم يتوقف أمام الاكتشاف وصمَتَ بل قرر الثورة على هذا الفصيل.

كانت لحظة فارقة أيضا من قواتنا المسلحة التي كعادتها أعلنت انحيازها للشعب، فكان القرار المصيرى الذى حافظ على هوية مصر شعبا ودولة؛ فاستغلال اللحظة الفارقة هو ما يجعلها لحظة فارقة فى الاتجاه إلى النجاح أو إلى الفشل، وكم من لحظة فارقة مرت على القضية الفلسطينية تم إهدارها وتم التفريط فيها.

حدد الرئيس عبد الفتاح السيسي فى كلمته أمام القمة العربية والإسلامية للتضامن مع دولة قطر الشقيقة ضد الاستهداف الإسرائيلى لقادة حماس على أرضها، أن هذه واحدة من اللحظات الفارقة فى القضية الفلسطينية بل فى محيط الدول العربية والإسلامية.

ففى ختام كلمته، وجه رسالته مباشرة إلى الرؤساء المشاركون قائلا: أصحاب الجلالة والفخامة والمعالى والسمو، إننا أمام لحظة فارقة، تستلزم أن تكون وحدتنا نقطة ارتكاز أساسية، للتعامل مع التحديات التى تواجه منطقتنا، بما يضمن عدم الانزلاق إلى مزيد من الفوضى والصراعات، والحيلولة دون فرض ترتيبات إقليمية، تتعارض مع مصالحنا ورؤيتنا المشتركة، ومؤكدا يجب أن تكون رسالتنا واضحة، فلن نقبل بالاعتداء على سيادة دولنا، ولن نسمح بإفشال جهود السلاموسنقف جميعا صفا واحدا، دفاعا عن الحقوق العربية والإسلامية، وفى مقدمتها حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة، والعيش بحرية وكرامة وأمن.

ختم كلمته مطالبا الدول العربية والإسلامية بضرورة العمل على أن نغير مواقفنا من نظرة العدو نحونا، ليرى أن أى دولة عربية، مساحتها ممتدة من المحيط إلى الخليج، ومظلتها متسعة لكل الدول الإسلامية والدول المحبة للسلام.

مؤكدا أن تغيير هذه النظرة يتطلب قرارات وتوصيات قوية، والعمل على تنفيذها بإخلاص ونية صادقة، حتى يرتدع كل باغٍ، ويتحسب أى مغامر.

وطالب مجددا ما سبق أن طالب به فى قمم عربية سابقة من أنه أصبح لزاما علينا فى هذا الظرف التاريخى الدقيق، إنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق والتعاون، تمكننا جميعا من مواجهة التحديات الكبرى، الأمنية والسياسية والاقتصادية، التى تحيط بنا؛ حيث إن إقامة مثل هذه الآلية الآن، تمثل السبيل لتعزيز جبهتنا، وقدرتنا على التصدى للتحديات الراهنة، واتخاذ ما يلزم من خطوات، لحماية أمننا ورعاية مصالحنا المشتركة.

ومصر كعهدها دائما؛ تمد يدها لكل جهد صادق، يحقق سلاما عادلا، ويدعم أمن واستقرار العالمين العربى والإسلامى.

كان خطاب السيد الرئيس تضمن إعادة تأكيد موقف مصر القاطع والحاسم من المحاولات الإسرائيلية بتصفية القضية الفلسطينية عن طريق تهجير أهل غزة وبنص كلمات الرئيس قال سيادته: تؤكد مصر مجددا؛ رفضها الكامل لأى مقترحات من شأنها تهجير الفلسطينيين من أرضهم.

فمثل هذه الأطروحات، ليس لها أساس قانونى أو أخلاقى، ولن تؤدى سوى إلى توسيع رقعة الصراع، وهو أمر من شأنه زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.

كما أكد رفض مصر للسياسيات الإسرائيلية ومنها استهداف عاصمة قطر، ودعا المجتمع الدولى لموقف حازم تجاه هذه السياسيات ومحاسبة المسئولين عنها قائلا: تدعو مصر المجتمع الدولى إلى تحمل مسئولياته الأخلاقية والقانونية، لضمان عدم تكرار هذه الاعتداءات، وإنهاء الحرب الإسرائيلية الغاشمة، بما يقتضيه ذلك؛ من محاسبة ضرورية للمسئولين، عن الانتهاكات الصارخة، ووضع حد لحالة "الإفلات من العقاب"، التى باتت سائدة أمام الممارسـات الإسـرائيلية.

لقد بات واضحا، أن النهج العدوانى الذى يتبناه الجانب الإسرائيلى، إنما يحمل فى طياته نية مبيتة، لإفشال كل فرص تحقيق التهدئة، والتوصل إلى اتفاق يضمن الوقف الدائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى. كما أن هذا التوجه؛ يشى بغياب أى إرادة سياسية لدى إسرائيل، للتحرك الجدى فى اتجاه إحلال السلام فى المنطقة. مؤكدا أن الانفلات الإسرائيلى، والغطرسة الآخذة فى التضخم، تتطلب منا كقادة للعالمين العربى والإسلامى، العمل معًا نحو إرساء أسس ومبادئ، تعبر عن رؤيتنا ومصالحنا المشتركة.

نعم، هذه لحظة من اللحظات الفارقة فى واقع ومستقبل العمل العربى والإسلامي المشترك، كما أنها لحظة فارقة بالنسبة إلى القضية الفلسطينية. كما حدد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي فى كلمته خطوات استغلال هذه اللحظة لمصلحة الأمة العربية والإسلامية، وأيضا لمصلحة القضية الفلسطينية، فهل ننجح فى استغلال هذه اللحظة؟!

ولله الأمر من قبل ومن بعد...

حفظ الله مصر وحفظ شعبها وجيشها وقائدها

 

اخر اصدار

67