رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
أيمن شعيب

مستشارك

مركز معلومات تغير المناخ: احذر الرى فى ذروة الظهيرة

  • 17-7-2025 | 17:04

.

طباعة
  • هويدا عبد الحميد

كشف دكتور محمد على فهيم  رئيس مركز معلومات تغير المناخ، خطورة الرى وقت الظهيرة أثناء الموجات الحارة باعتبارها خسارة مائية وضرر نباتى  وفقًا للأبحاث العلمية الدولية.

ولفت  إلى أن مصر تشهد خلال شهرى "أبيب" و"مسرى"، ارتفاعًا غير مسبوق فى درجات الحرارة، مدفوعًا بظواهر مناخية إقليمية مثل ظاهرة النينو والاحترار المتوسطي.

في هذا السياق، تكثر التساؤلات حول جدوى وجدولة الرى فى فترات الذروة الحرارية، وهو ما يحتم الرجوع للأدلة العلمية والتوصيات الدولية والوطنية بعيد عن الآراء الشخصية المبنية على الخواطر الليلية.

 أولًا: لماذا يُعد الرى وقت الظهيرة فى الموجات الحارة ممارسة خطرة وغير فعالة؟

 فقدان المياه بسبب التبخر السطحي خلال وقت الظهيرة، تزداد درجات حرارة سطح التربة والنبات لأكثر من 50°م، مما يؤدى إلى تبخر فورى للمياه المُضافة، قبل أن تتسرب لجذور النبات.

ودلل على ذلك بدراسات منظمة الأغذية والزراعة (FAO) تشير إلى أن فقد المياه بالتبخر أثناء الذروة الشمسية قد يصل إلى 45-60% من إجمالي كمية المياه المُستخدمة.

 كما يحدث إجهاد حرارى للنبات وصدمة فسيولوجية عند سكب مياه أبرد نسبيًا على جذور وأوراق نبات ساخن في وقت الذروة، مما يعرض النبات لاضطراب فسيولوجى شديد يؤثر على امتصاص الماء والعناصر الغذائية، فإن الإجهاد الحرارى يُعيق عملية البناء الضوئى ويخفض نشاط الإنزيمات المسؤولة عن الامتصاص.

كما يؤدى لزيادة فرص الإصابة بالأمراض الفطرية نتيجة ارتفاع حرارة التربة مع وجود رطوبة سطحية عالية بعد الرى وقت الظهيرة يُهيئ ظروفًا مثالية لتكاثر الفطريات المسببة لتعفن الجذور والتبقعات.

ويحدث هدر للطاقة وكفاءة الرى لأنه يستهلك طاقة أعلى بسبب مقاومة أعلى لضغط المياه وسخونة خطوط النقل، دون تحقيق نفع إنتاجى مقابل.

ونصح فهيم، بالرى فى التوقيت الأمثل  بين  4 صباحًا إلى 9 صباحًا أو بعد 6 مساءًا حتى منتصف الليل.

وبحسب توصيات وممارسات المعهد الدولى لبحوث المياه التابع للأمم المتحدة  IWRM الحديثة يمكن الرى بالتنقيط أو الرذاذ منخفض الضغط، استخدام حساسات رطوبة التربة لضبط التوقيت، والتسميد مع الرى فى الصباح الباكر لتحسين كفاءة الامتصاص.

وتابع، هناك دلائل علمية دقيقة لتجارب منفذة فعليًا في مصر حول تأثير توقيت الري، لا سيما أثناء الموجات الحارة، من خلال دراسة أجراها معهد بحوث الأراضي والمياهعام 2021، وقد لوحظ أن: "الرى فى الساعات المبكرة من اليوم أدى إلى زيادة إنتاجية الطماطم بنسبة 18% مقارنة بالرى وقت الظهيرة، مع تقليل استخدام المياه بنسبة 27%."

وقد أثر توقيت الرى على إنتاجية وجودة محصول الطماطم الصيفية، وأدى الرى صباحًا أدى إلى زيادة الإنتاجية بنسبة 17.3% وتحسن واضح في نسبة العقد ونمو الثمار.

 أما الرى ظهرًا أدى إلى: ذبول فى الأوراق بعد ساعات، وتساقط عقد بنسبة 25% وزيادة نسب الإصابة بلفحة الأوراق، والرى مساءًا جاء في المرتبة الثانية من حيث الكفاءة.
 

 
وقد أدى الرى الصباحى  محصول القمح تحت تأثير الري في أوقات مختلفة خلال شهور الذروة المناخية إلى زيادة المحصول بنسبة 11.5%، ارتفاع فى عدد السنابل وعدد الحبوب/سنبلة.

 أما الرى الظهرى تسبب فى ظهور أعراض الإجهاد الحرارى، نقص المحصول بنسبة 14% مقارنةً بالمعاملة الأولى، وفقا لدراسة معهد بحوث المحاصيل الحقلية.

 

وتأثر إخصاب وعقد الذرة فى عام 2023  بالرى أثناء الموجات الحارة فى المنيا، وأدى الرى إلى انخفاض معدل الإخصاب بنسبة 40% وغياب الحبوب داخل الكوز.
 

كما أن الرى صباحًا حافظ على الإنتاج بنسبة مقبولة ولم يُسجل أي خلل تشريحي في الأزهار المذكرة أو المؤنثة، وفقا لنتائج مركز بحوث الصحراء ومركز البحوث الزراعية.

وخلال إجراء تجربة على الزيتون – مشروع حقلي بمحافظة مطروح، 2022 لتقييم تأثير الرى فى توقيتات مختلفة خلال الصيف على نسبة الزيت وجودة الثمار.

وقد أدى الرى خلال الفجر أو بعد الغروب  إلى زيادة نسبة الزيت بـ 8-10% مقارنةً بالري ظهراً وتقليل الإجهاد المائي وتحسين العقد الثمري، لذا أوصوا برى الزيتون فى الصيف بالليل أو أول الفجر فقط لضمان استخلاص زيتى أعلى وحماية الشجرة من الصدمات الحرارية فى الاجزاء الأكثر حساسية.

رغم أن القاعدة العامة التي يؤكدها العلم والتجربة هى تجنب الرى وقت الذروة الحرارية (من 11 ص حتى 4 م) بسبب التأثيرات السلبية على النبات، إلا أن هناك استثناءات خاصة ينبغي التنويه لها بدقة، مثل مشاتل الفراولة، الرش للترطيب وليس الرى وفى حالة مشاتل الفراولة التى تُنشأ خلال شهرى يوليو وأغسطس، وهي أشد شهور السنة حرارة، يُستخدم الرش الخفيف المنتظم أثناء الظهيرة ليس بغرض الرى أو تغذية النبات، وإنما كوسيلة تبريد لتقليل الإجهاد الحرارى على البادرات الصغيرة، التي تكون شديدة الحساسية لفقد الرطوبة.

وهذه التقنية تحمى الأوراق الغضة من التلف الناتج عن البخر النتحي المفرط تحت أشعة الشمس المباشرة، كما يجب ألا يكون الرش غزيرًا بل ناعمًا وخفيفًا وعلى فترات متباعدة، دون إغراق التربة.

 يجب توخى الحذر من الرى باستخدام أنظمة الطاقة الشمسية، نظراً لأن أعلى كفاءة لإنتاج الكهرباء من الألواح الشمسية تحدث وقت الظهيرة، فإن كثيرًا من المزارعين يضطرون لضخ المياه من الآبار خلال فترة الظهيرة.

فى هذه الحالة، يمكن تنفيذ الرى الاضطرارى فى الظهيرة، لكن بشروط فنية صارمة لضمان السلامة النباتية والفعالية، بشرط إضافة "حمض الفولفيك" (Fulvic Acid): يعمل كمنشط جذرى طبيعى ويساعد على تعزيز امتصاص المغذيات وتقليل الضغط الأسموزي فى منطقة الجذر.

إضافة "نترات الماغنسيوم": رفع كفاءة التمثيل الضوئي، تقوية الجدر الخلوية، تقليل الأثر السلبي لفقد الرطوبة من الأوراق.

الرى يكون بتدفق منخفض (Low discharge) لتفادى تشبع الجذور بالماء الساخن.

الأولوية لري أشجار أو محاصيل معمرة ذات جذور عميقة، وليس محاصيل حساسة أو سطحية الجذور.

وشدد على أن "الرى وقت الظهيرة ممنوع إلا للضرورة،  وإذا كانت الضرورة تفرضه (كما في أنظمة الطاقة الشمسية)، فالعلم يُوجب تعويض النبات بفولفيك ونترات الماغنسيوم، واتباع نظام ري محسوب بدقة، مع اعتبار التبريد الوقائي للشتلات الحساسة كالفرولة."

كل التجارب تؤكد نفس الاستنتاج العلمى:

الرى فى وقت الذروة الحرارية = هدر مياه + ضرر فسيولوجى + نقص إنتاجية.

فيما يحقق الري في الساعات الباردة (الفجر أو ما بعد الغروب) أعلى كفاءة رى وأعلى إنتاجية وجودة، بأقل فقد ممكن في الماء والطاقة.


الرى في وقت الذروة الحرارية، خاصة أثناء موجات الحر، لا يؤدى فقط إلى هدر الموارد المائية، بل يُشكل خطرًا فسيولوجيًا على النبات ويزيد من مخاطر الأمراض، وهو ما يستدعى إدراجه ضمن قائمة الممارسات الزراعية غير الصحيحة وغير المستدامة.

 

اخر اصدار

67