رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
أيمن شعيب

مقال رئيس التحرير

رسائل الرئيس من الدلتا الجديدة وتوشكى


  • 10-12-2024 | 12:27

ايمن شعيب

طباعة
  • بقلم أيمن شعيب

 

«لما رأيتُ الجهلَ فى الناسِ فاشياً ،تجاهلْتُ حتى ظُنَّ أنّى جاهل ،فوا عَجَبا كم يدّعى الفضْل ناقصٌ ،ووا أسَفا كم يُظْهِرُ النّقصَ فاضل «

«أبو العلاء المعرى»

خلال فترة وجيزة تابع المصريون افتتاح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، حصاد بعض المحاصيل فى منطقة مستقبل مصر بالدلتا الجديدة، وفى جنوب الوادى حيث يقع مشروع توشكى.

وشاهدنا جميعاً حجم الإنجازات الضخمة التى تحققت فى أراضى وطبيعة صعبة، استطاعت الدولة المصرية أن تقهر تحدياتها وتحولها إلى أرض خضراء منتجة، وقبل ذلك كانت أرضا صحراء، وذلك فى مشروعات مستقبل مصر بالدلتا الجديدة، أما فى جنوب الوادى حيث يقع مشروع توشكى، والذى كان توقف أمام حائط جرانيتى ووقع فى دائرة الإهمال، ثم دائرة التشكيك فى تخطيط المشروع وجدواه الاقتصادية، إلى أن توقف المشروع.

ولكن كان هناك قرار رئاسى بعد إعادة دراسة المشروع، بضرورة عودة هذا المشروع العملاق إلى الحياة، وبالفعل حطمت قواتنا المسلحة هذا الحائط الجرانيتى، وتمت إعادة المشروع إلى حيز التشغيل والإنتاج، فشقت الطرق وأقامت محطات الرفع ومحطات الكهرباء، ليصبح المشروع كما شاهدنا واحداً من أهم المشروعات التى أضافت إلى الرقعة الزراعية المصرية..
وعلى الرغم من فرحتنا جميعاً بهذا الإنجاز الضخم الذى تحقق ومازال يجرى العمل فيه من أجل التوسعة وزيادات المساحات، إلا أن السيد الرئيس آثر التوقف أمام التحديات التى تواجهنا حتى اللحظة، وخاصة فى القطاع الزراعى، وأهمها تحدى المياه، ومعه كل الحق فمواردنا المائية محدودة ولم تتغير، فحصة مصر من مياه النيل لم تتجاوز الـ 55.5 مليار متر مكعب منذ عام 1959، فى الوقت الذى كان فيه عدد سكان مصر لا يزيد على 20 مليون نسمة، ورغم الزيادة السكانية التى حدثت وزيادة احتياجاتنا المائية، وهذا ما فرض ضرورة استغلال كل نقطة مياه سواء فى الزراعة أو الاستهلاك المنزلى..
 

ومع تحدى المياه والمناخ فضلاً على تحدى الزيادة السكانية، أصبح أمامنا طريق واحد وهو أقصى استفادة من المياه، ومن الأرض بأقل تكلفة وأكبر عائد، وهى معادلة تكاد تكون مستحيلة، ولكنها أصبحت واقعاً علينا التعامل معه فى مشروعاتنا الزراعية، وذلك لتحقيق الأمن الغذائى لما يزيد على الـ 105 ملايين نسمة، فضلاً عن ضيوف مصر من الدول المجاورة التى تعانى أزمات متنوعة، وتم تقديرهم بـ 10 ملايين نسمة إضافية..

 ويدرك السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، هذه التحديات ووجه خلال افتتاح مواسم الحصاد فى الدلتا الجديدة وفى توشكى، سواء فى مداخلته مع وزير الرى أو وزير الزراعة، بضرورة وأهمية شرح أبعاد هذه التحديات إلى المصريين، وطرح ومناقشة الأفكار التى تقدم حلولاً، سواء تقليدية أو غير تقليدية لمواجهة هذه التحديات، وتعظيم استغلال كل نقطة مياه، سواء من مياه نهر النيل فى توشكى وجنوب الوادى، أو المياه الجوفية والمعالجة التى تتم فى مناطق الدلتا الجديدة وفى سيناء؛ لتحقيق أكبر عائد اقتصادى منها..
وقال الرئيس السيسى - فى تعقيبه على كلمة رئيس شركة «مودرن فارمنج» للاستثمار الزراعى، محمد جمال غريب، إن الدولة تعمل على زيادة حجم الإنتاج فى المشروعات الزراعية، مشيداً بنجاح الشركة فى زيادة إنتاجية الفدان من محصول القمح إلى 25 إردباً للفدان الواحد، بزيادة 5 أرادب عن معدلات الإنتاج العادية للفدان الواحد، موضحاً أن حجم تلك الزيادة فى مساحة تبلغ نصف مليون فدان تصل إلى 2.5 مليون إردب.. أى نحو مليون طن قمح.

وأضاف أن تنفيذ الأعمال داخل مشروعات الخدمة الوطنية، سواء فى جنوب الوادى أو فى «مستقبل مصر» لم تصل إلى 25 إردباً للفدان، مبيناً أن أى كمية فوق الـ 20 إردباً تعتبر مكسباً، لأنه تتم زراعتها فى نفس الأرض والمياه، وبذات الجهد.

وقال الرئيس السيسى، إن التكلفة المرتفعة للمشروعات الزراعية الحالية تعود بشكل أساسى إلى أنه يتم القيام بها دفعة واحدة، وبشكل متكامل، مشيراً فى هذا الإطار إلى أن تنفيذ منطقة الدلتا وشبكتها الزراعية، تم على مدار 150 أو 200 عام، سواء من ناحية شق طرق أو توصيل شبكات الكهرباء وشق الترع والمصارف.

وشدد الرئيس السيسى على ضرورة الاهتمام بزيادة إنتاجية الفدان من القمح، مضيفاً أنه ليس من المقبول أن تتم زراعة مليون فدان للحصول منها على إنتاجية بمقدار 2.5 مليون طن قمح فى الوقت الذى أستطيع فيه تحقيق إنتاجية تبلغ 3.5 مليون طن قمح، بدون زيادة فى الأرض أو كميات المياه المستخدمة فى الرى أو العمالة.

ووجه الرئيس السيسى وزارة الزراعة بضرورة الاهتمام بتجربة شركة «مودرن فارمنج» للاستثمار الزراعى، داعياً إلى الاستفادة من تجربة الشركة فى مشروعات بنى سويف والمنيا والـ450 ألف فدان فى سيناء. 

كما دعا الرئيس السيسى، المستثمرين للمشاركة مع الدولة فى تنفيذ المشروعات، بما يحقق إنتاجية أكبر بنفس كميات المياه المستخدمة للحصول على أكبر إنتاجية من الفدان.

وأكد الرئيس السيسى، ضرورة الحفاظ على كميات المياه خلال الزراعة، عن طريق استخدام أقل كمية مياه ممكنة لتوفير أكبر إنتاج للمحاصيل الزراعية، مشيراً إلى وجود نباتات تحتاج كميات قليلة جداً من المياه، ولديها القدرة على تحمل درجات الحرارة والملوحة وطبيعة الأرض الصعبة.

وأكد الرئيس السيسى، أن الهدف من تنفيذ محطات المعالجة الزراعية، سواء كانت فى "المحسمة" و"بحر البقر" ومحطة الدلتا الجديدة، هو الاستفادة من المياه وعدم فقدها، مؤكدًا أهمية استخدام التكنولوجيا والعلم فى زراعة كميات كبيرة من المحاصيل عبر استخدام مياه أقل فى الرى.

مشيرًا إلى أن محطات البحوث الخاصة بوزارة الزراعة لها نجاحات كبيرة جدًا فى مسألة البذور، لكن هناك فارق بين الحديث عن نطاق 100 فدان وألف فدان ونطاق 200 أو 300 ألف فدان.

إن التحديات التى تواجه مصر كثيرة، وكبيرة على مختلف الأصعدة خارجياً فى اتجاهات الدولة الاستراتيجية المختلفة وداخلياً على مستوى الزيادة السكانية، وضرورة تحقيق الأمن الغذائى ورفع مستوى المعيشة لأهل مصر، ذلك إلى جانب تحدى العديد من المغرضين المنتشرين على منصات التواصل الاجتماعى ينشرون اليأس والإحباط إلى جانب الشائعات الخبيثة الواحدة تلو الأخرى..

وإن شاء الله مصر آمنة متقدمة وناجحة، بفضل جهود المخلصين من أبنائها الذين قهروا التحديات الواحدة تلو الأخرى،  واستطاعوا ترويض الصحراء وتحويلها إلى أراض منتجة خضراء..
بفضل وعى المصريين والتفافهم حول جيشهم وقائدهم، نحن قادرون على قهر المستحيل..

وَللهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ.

حَفِظَ اللهُ مِصْرَ وَحَفِظَ شَعْبَهَا وَجَيْشَهَا وَقَائِدَهَا..

اخر اصدار

.